الدكتور نبيل المظفري facebook

لصق الكود

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

نهاية القذافي: نهاية شخص أم نهاية للطغاة


يعد يوم 21 تشرين الأول 2011 يوما تاريخياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ليس لليبيين فقط، بل لكل دعاة الحرية والنظام المدني، لماذا ؟، لان القذافي الذي تسلم الحكم منذ أيلول (سبتمبر) 1969 وحتى 21 تشرين الأول 2011 . حكم ليبيا حكما دكتاتوريا ومارس كل انواع القهر ضد شعبه وأخذ يرى نفسه فوق كل المعايير والمقاييس. فهو عميد القادة العرب وملك ملوك إفريقيا والزعيم وغيرها من الألقاب والصفات التي أطلقها على نفسه أو أطلقها الآخرون عليه تملقا ورياءً . فبعد عقدين ونيف من الحكم المنفرد لابد أن الطفل الليبي الذي ولد وكان قائده العقيد وشاب وقائده العقيد ولربما يغادر الحياة وقائده العقيد. كان لابد أن يفكر ولو لوهلة بالتغيير لابد له أن يرى رئيسا آخر يقود البلاد نحو المدنية والديمقراطية. وهذه حالة طبيعية عند البشر، فهو بالفطرة يحب التغيير والتجدد، ولكن القادة العرب ومن ورائهم بعض من القادة الأجانب من أميركا الوسطى وإفريقيا كانوا بعيدين جداً في تفكيرهم من أن نهاية مؤلمة تنتظرهم وعائلاتهم. إذ دأبوا خلال سنوات حكمهم الطوال في بناء قوات أمنية خاصة وجيوش على أسس غير مهنية بل جيش لا يؤمن بحكم غير حكمهم ولا ولاء له سوى الولاء له ولحزبه وهذا كان حال الرئيس العراقي واليمني والليبي والسوري والتونسي والسوداني وحتى المصري إذ استثنينا الجيش من تلك القوات. ولم يكتفِ هؤلاء بتهيئة ظروف الحكم لأنفسهم فحسب، بل إن كل واحد من هؤلاء اخذ يدرب أبنائه ويهيأ لهم الظروف المناسبة لاستلام الحكم من بعده .
إن من الواضح إن أحلام القادة العرب لم تتحقق ولن تتحقق. إذ افشل الربيع العربي مبتغاهم في توريث الأنظمة الجمهورية لأبنائهم. فقد بدأت هذه الأنظمة تنهار واحدا بعد آخر. بعد أن أشعل محمد البوعزيزي ثورة قلبت حسابات كل القادة العرب رأساً على عقب. وخير ما فعل صاحب أقوى نظام امني عربي واقصد هنا زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية. ان افلت بجلده بعد الثورة الشعبية التي امتدت من مدينة بوزيد إلى معظم المدن التونسية الأخرى. وقد جنب بذلك بلاده صراعا دمويا لربما كان يكلف تونس كثيرا من الأرواح والأموال. كما انه أيضاً قد حفظ ماء وجهه وحياته في الوقت نفسه. إذ كان من الممكن ان يلقى المصير الذي لقيه القذافي وأبنائه. أو حتى مصير الرئيس المصري حسني مبارك الذي لا يسر صديق، لأنه تأخر كثيرا في تقديم تنازله عن الحكم على الرغم من المناشدات والدعوات من الداخل والخارج، ويبدو ان هؤلاء القادة لم يفهموا الشعار الذي رفعه المتظاهرون في جميع الدول العربية الثائرة ((ارحل.ارحل.ارحل)). وان فعلوا ورحلوا لما ووصلوا إلى هذا المصير، ويبدو ان بشار الأسد وعلي عبدالله صالح، لم يدركا بعد خطورة إصرارهما على البقاء في السلطة، وتمسكهما الشديد بكرسيها. وليس ببعيد ان يلقيا مصير القذافي، لاسيما ان جميع القادة قالوا الكلام نفسه، أي ان ظروف مصر تختلف عن تونس وليبيا تختلف عن تونس ومصر، واليمن تختلف عن تونس ومصر وليبيا، وسوريا تختلف عن جميع الدول التي حدثت فيها الثورات، ومن المفيد ان نذكر هنا ان تجربة العراق كانت عبرة لهؤلاء ولكنهم لم يعتبروا، بحجة ان سقوط الرئيس العراقي صدام حسين ونظامه البعثي في نيسان 2003 الذي جثم على صدر الشعب العراقي (35) عاما، كان اثر احتلال أجنبي وبالتالي هم بمنأى عن ذلك المصير، واستمروا في العمل من اجل البقاء في الحكم ومن بعدهم لأبنائهم. وليكن كذلك ولكن ثورة الشعب أقوى من أية دبابة أجنبية أو طائرة بدون طيار أو طائرة أباتشي أو صاروخ توما هوك وغيرها من الأسلحة الغربية الفتاكة، فثورة الشعب كالتسونامي الذي يجرف أمامه كل ما ثقل حمله أو خف، فمتى يعتبر هؤلاء؟.
إن مقتل القذافي –اللهم لا شماتة- وكذلك ابنيه خميس والمعتصم في يوم واحد ولا زال مصير سيف الإسلام مجهولاً حتى كتابة هذه الأسطر، وتشرد من تبقى من عائلته في البلاد الأجنبية كالنيجر والجزائر وغيرهما. فهل يا ترى سيدرك صالح والأسد ما حصل للقذافي وعائلته وزبانيته فيرحلا حتى لا يواجهان المصير ذاته؟. ومن المفيد القول هنا ان الشعارات التي أخذ الثوار يرفعونها ويرددونها منذ مقتل القذافي في كلا البلدين تعد رسالة واضحة لهما. فقد زاد الحِراك الشعبي في البلدين، بل ان الحادثة زادت الجرأة لدى الثوار في سوريا ومنحتهم القوة، وانه مهما طال بهم الوقت فان نهاية الاسد وصالح ستأتي يوماً. إذ شهدنا لأول مرة الشبان السوريون يتعرضون لدبابات الجيش السوري بالحجارة ويقطعون الطرقات على العربات العسكرية دون خوف أو وجل وكذلك الحال في اليمن، ومن البديهي ان يقف الأسد وصالح ولو للحظة ليفكروا بمصيرهم بعد ان فقدوا صديقهم القذافي، ولاسيما الأسد الذي قدم العون والدعم اللوجستي للنظام الليبي خلال محنته حسب وكالات الإعلام، ولعلنا نستطيع ان نقدم دليلاً في هذا الجانب، إذ أن القناة الفضائية الوحيدة التي تدعم القذافي ونظامه بعد سيطرة الثوار على طرابلس هي قناة الرأي لصاحبها مشعان الجبوري كانت تذاع من سوريا وهي التي تنقل خطابات الزعيم الليبي خلال فترة اختبائه وتنقله من مكان إلى آخر أو لربما من سرداب إلى آخر. ومن الملفت ان هؤلاء القادة الذين يدعون المقاومة والجهاد وأي كانت التسميات يعيشون الأيام الأخيرة من حياتهم في السراديب والحفر. وهذا الذي حدث مع القذافي الذي عاش في السراديب منذ انطلاقة الثورة في 17 فبراير (شباط) وكان يظهر بين الحين والآخر ليتنفس الهواء ويشحذ همم رجاله الذين كان يقول بأنهم يعدون بالملايين الذين سيزحفون على المدن التي حررها الثوار من قبل، وما أن يسمع أزيز الطائرات أو صوت إطلاق نار حتى كان يزحف هو نحو سردابه أو حفرته. ومن الجدير بالإشارة ان القذافي طالما وصف معارضيه بالجرذان التي تختبئ في الحفر وانه وجماعته سيلاحقونهم زنقة زنقة ودار دار وحفرة حفرة، إلا انه في النهاية كان مصيره ان ينتقل بين مدينة وأخرى وبيت وآخر وزنقة وأخرى، وفي نهاية المطاف تم إلقاء القبض عليه في حفرة أو بالأحرى مجرىً للماء، ثم قتله . والسؤال المهم هنا هل تعد نهاية القذافي نهاية للطغاة؟. يبدو إنها كذلك فإذا لم يستجب الأسد وصالح للنداء الأخير من قبل الشعبين السوري واليمني ويرحلا بما بقي لهما من ماء الوجه والنفوذ، أو أن يتحضرا للقاء قريب مع شعبهما كلقاء ثوار ليبيا بالقذافي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق