الدكتور نبيل المظفري facebook

لصق الكود

الأربعاء، 11 مايو 2011

من اشكال الديمقراطية

الديمقراطية المباشرة
     الديمقراطية المباشرة هي نظام يصوت الشعب فيه على القرارات الحكومة مثل المصادقة على القوانين أو رفضها ، وتسمى بالديمقراطية المباشرة لأن الشعب في ظلها يمارس بشكل مباشر سلطته في صنع القرار دون وسطاء أو نواب ، وتعد الديمقراطية المباشرة الصورة المثالية للديمقراطية الحقيقية ، إذ أن الشعب هو الذي يصادق بنفسه على القوانين والدستور ، وهو الذي يدير مفاصل السلطة . لكنه من الصعب جداً تطبيق هذا النظام على مستوى دول ، وتكمن تلك الصعوبة في العيوب التي تلازمه ، وهي :
1- إن مرافق الدولة ومفاصل السلطة فيها متعددة ومختلفة في اختصاصاتها ، وتتطلب خبرات متخصصة للإدارة واتخاذ القرار .
2- إن النسبة السكانية عادة تكون في الدولة كبيرة ، ومن المستحيل جمع الشعب في مكان واحد لإبداء أرائهم أو التصويت على قرار ما . وبذلك فان الديمقراطية المباشرة لا يمكن تطبيقها على اقل الدول سكاناً في العالم في يومنا هذا .
3- إن اهتمامات الجماهير بالسلطة وصنع القرار نسبية ، فغالباً لا يوجد اندفاع شعبي عام بهذا الجانب ، وبالتالي لا يمكن الاطمئنان إلى القرارات التي يتم التوصل إليها ، في ظل غياب البعض وعزوف البعض الآخر عن المشاركة في السلطة واتخاذ القرار .
4- إن الديمقراطية المباشرة تتطلب العلانية في المناقشات والتصويت على القرارات مهما كانت تلك الأمور حساسة ودقيقة وتتطلب السرية ، مما قد تعرض الدول للمخاطر .
5- الديمقراطية المباشرة قد تؤدي إلى تأثير بعض الشخصيات المتنفذة على عامة الشعب ودفعهم باتجاهات تحقق رغبات شخصية بعيداً عن المصلحة ، ولاسيما أن في المجتمع الواحد ثقافات واديان واتجاهات مختلفة ، فضلاً عن إن درجة الثقافة والوعي تختلف من شخص لآخر . 
       ومن هذا المنطلق فان الديمقراطية المباشرة لا يمكن تطبيقه إلا في المجتمعات الصغيرة، مثل المجتمع القبلي ، أو القرية ، أو بعض المنظمات والنقابات الفرعية .
      وعلى الرغم من إن الديمقراطية المباشرة ، يصعب تطبيقها على مستوى الدول سواء أكانت تلك الدول صغيرة أم كبيرة ، إلا أننا نجد بعض مظاهر الديمقراطية المباشرة في بعض الدول ، إلى جانب الديمقراطية النيابية ، كالاستفتاء الشعبي ، إذ يتم استفتاء الشعب حول بعض المسائل المهمة والجوهرية كالاستفتاء على الدستور ، أو المعاهدات والاتفاقيات مع البلدان الأجنبية التي تمس السيادة الوطنية ، أو بعض القوانين والمسائل المهمة الأخرى ذات اهتمام كبير لدى الجماهير ، وهذا ما نطلق عليها الديمقراطية شبه المباشرة .
       مع أن للديمقراطية المباشرة عيوب ، إلا أن لها عدة مزايا في الوقت نفسه ، وهي :
1-   إن الديمقراطية المباشرة تجسد السيادة الشعبية المباشرة دون وساطة ممثلين ونواب عن الشعب .
2-   رفع شعور الفرد بقيمته ودوره في المجتمع ، مما يولد لديه حافزاً أكبر لبذل ما هو أفضل للمجتمع .
3- الاستفادة القصوى من طاقات أبناء البلاد ومواهبهم ، إذ أن المشاركة المباشرة تبرز العناصر النشطة وأصحاب الإمكانيات والمواهب .
4- القضاء على الدور السلبي للأحزاب المتسلطة سياسياً وتخليص الفرد من الدعايات الحزبية التي لا تلبي رغبات جميع فئات الشعب .
5- الوصول إلى حقيقة واقع المجتمع وحاجاته عن طريق طرح وجهات النظر ونقل الواقع المعاش من قبل المواطن نفسه لا عن طريق ممثله .
        ومن الناحية التاريخية ، فن الديمقراطية المباشرة كانت معتمدة في بعض المدن اليونانية القديمة المستقلة (دويلات المدن) ولاسيما في المدن التي كانت تتشكل من مجموعات سكانية صغيرة ، فقد كانت المجالس تقام في وسط المدن أو في الساحات العامة ، ويحضرها عامة الشعب لمناقشة قضاياهم المختلفة وبصورة مباشرة ، وكانت أثينا القديمة في فترة ما تطبق هذا النظام ، إذ كان الناس يعقدون بين الحين والآخر مجلسهم في وسط المدينة ، وبحضور ما بين 5-6 آلاف مواطن لمناقشة المسائل العامة المتعلقة بأحوال السكان والمدينة. وفي التاريخ المعاصر ، لا يمكن تطبيق الديمقراطية المباشرة في أية دولة  إلا بصورة جزئية فيما يتعلق بالمسائل الجوهرية ، وحتى في مثل هذه الأمور لا تحقق الديمقراطية المباشرة غايتها الأساسية بشكل كامل ، لان نسبة المشاركة في تلك الممارسات الديمقراطية عادة لا تكون عالية . وهنا لابد لنا أن نذكر أنموذجاً لتلك المحاولات التي لا تتعدى كونها مظهراً صورياً بعيداً عن الواقع والأهداف السامية التي ترمي إليها الديمقراطية المباشرة . مثل الجماهيرية العربية الليبية ، إذ أن النظام فيها يعمد إلى عقد اجتماعات شعبية بوساطة لجان يتم تشكيلها من قبل الحكومة ، ويشترك في تلك الاجتماعات أعداد غفيرة من المواطنين طوعاً أو إرغاماً ، ويتم فيها مناقشة بعض المسائل المعدة سلفاً ، وفي حقيقة الأمر ، أن تلك الاجتماعات ليس لها من الديمقراطية المباشرة سوى المظهر ، وما هي إلا وسيلة للتغطية على النظام الشمولي في تلك البلاد ، الذي تسلم الحكم فيها منذ سنة 1969 وحتى يومنا هذا .ً
       إن زيادة الحجم السكاني ، وتوسع المجتمعات بشكل كبير ، وظهور الدول المستقلة ذات خارطة إدارية واسعة ، استوجب اعتماد نوع آخر من الديمقراطية ، بعد استحالة تطبيق الديمقراطية المباشرة وهي الديمقراطية النيابية (التمثيلية) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق